وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

الثابت العلوي.. في فكر أدونيس الطائفي

الثابت العلوي.. في فكر أدونيس الطائفي

في مقابلته الأخيرة والتي نشرت في جريدة (السفير) اللبنانية، لم يأت أدونيس بأي جديد سوى المزيد من التعالي والاحتقار. سابقاً كان  يحتقر أدونيس عموم الناس في الشرق، عبر طروحات استعلائية مكررة,هذه المرّة كان احتقاره موجه لنصف سكان سوريا ممن ثاروا ضد نظام الأسد الكيماوي (نظام سيده الرئيس كما خاطبه قبل عامين).حين قال كيف لمن هجر بلده أن نسميه شعباً ثائراً.دون أية إشارة إلى سبب نزوحهم وتركهم لبيوتهم,وهو سبب يعلمه جيداً الشاعر الذي خاطبه يوماً ما نزار قباني في أمسية شعرية.. هل تقرأ اشعارك؟!
في بداية الثورة قال إنه ضد ثورة تخرج من المساجد,وكأن نظام الأسد الطائفي ترك ساحة أو فضاء ما للسوريين كي يعبروا عن مطالبهم,المساجد ذاتها التي خرجت منها الثورة الإيرانية والتي كتب فيها أدونيس قصائد مدح.واليوم وبعد أربع سنوات يعود ويقول إن ماحدث في سورياكان بفعل خارجي,وان ماجرى في مصر وتونس لايشبه مايحدث في سوريا,علماً أن الثورة في سوريا تماهت مع الثورتين في مصر وتونس,وكانت امتداداً طبيعياً لهما.وكأنه يردد مقولة رئيسه بشار حين قال مستنكراً: “بالله عليكم ..أهذه ثورة؟” 
أدونيس يعاني من رهاب الإسلام (الإسلام فوبيا) “إن الإسلام هو مصدر العلّة لأنه سلطة وسلطة عنفية. وأن لا إصلاح في الدين على اعتبار أن الدين لا يمكن إصلاحه.هل يوجد استعلاء وتحقير للشعوب أكثر من هذا الطرح المتعالي؟!,طرح لايبجث عن أي حل ,فقط أسئلة سطحية دون الدخول في العمق ,لمحاولة فهم المجتمع بطريقة تؤدي إلى تطويره عبر طرح نظريات وافكار قابلة للتداول والنقاش ,هو يعادي الإسلام السني أكثر.ذكر مرة الدكتور صادق جلال العظم أن أدونيس وحين كانا يعملان معاً على إصدار مجلة في بيروت,أنه منع أية إدانة للحكم الصادر بحق سلمان رشدي من قبل آية الله الخميني.
هذه الواقعة مع قصائد مدح للخميني لاتدع مجالاً للشك بطائفية هذه الشاعر.يقول أدونيس: “إن الإسلام تأسس على العنف، والدليل إن مجتمع مكة كان مجتمعاً تجارياً.وأن النبي وأصحابه وزوجته خديجة كانوا تجاراً”.هذا الكلام في قمة الجهل، ويفتقر إلى أية معرفة نقدية.من بديهيات علم الإجتماع السياسي ومن أساسيات تركيب السلطة على مر العصورأن يكون مجتمع التجار ميالا للإستقرار لا للعنف والحرب.رأس المال جبان كما هو معروف,لذلك يمل هذا المجتمع إلى عقد تسويات وصفقات مع السلطة القائمة، من أجل ضمان استمرار هذه التجارة.
في تحليله للثورات العربية، ينطلق من موقفه المعادي للشعوب العربية والمنحاز للغرب بناء على رؤية ثقافية سطحية.ينتقد الربيع العربي وعموم شعوب المشرق من باريس ومن قلب الحي اللاتيني العريق.متناسياً أن الثورة الفرنسية التي يتغنى بها كان عنوانها الرئيسي, (المقصلة). 
أدونيس يريد تغيير المجتمع قبل تغيير السلطة,لكنه لم يقل لنا ماهي محركات هذا التغيير وماهي أدواته.ويضيف بأن المتظاهرين الذين نزلوا للساحات لايملكون أي مشروع,ولكنهم يريدون السلطة.هو يعلم جيداً بـأنه لا توجد ثورة على مر التاريخ لم يكن إسقاط النظام السياسي الحالي وبالقوة أولى خطواتها نحو استكمال مسيرتها في التغيير الشامل,تغيير اقتصادي ومجتمعي وثقافي.لكنه يتجاهل وعن قصد كل هذه الحقائق ويتحدث فقط عن وضع الثورات الراهن.دون التطرق لمآلاتها وأسباب تحول معظمها إلى حروب أهليه.حتى الوضع في مصر والذي يتغنى به الشاعر وضع مزري,لقد عاد العسكر للحكم وبقبضة أمنية أشد مماكانت قبل الثورة.ويتهم الثوار في سوريا بالإرتهان للخارج بشكل كامل.ويقول إن مايحدث في سوريا كله نتيجة تدخل خارجي, دون إشارة لـ(عصائب أهل الحق) و(حزب الله) وعشرات الفصائل الشيعية التي تقاتل تحت إمرة الجنرال الفارسي قاسم سليماني. 
أدونيس كان ينتمي إلى الحزب القومي السوري وكان مغرماً بمؤسسه انطوان سعادة,الحزب الذي أراد الوصول للسطلة بقوة السلاح في لبنان,إن أنتماء أدونيس للحزب ولأفكاره كان كبيراً لدرجة أنه اتهم بقربه من المجموعة التي اغتالت عدنان المالكي أثناء حضوره لمبارة كرة القدم في قلب دمشق.عدنان المالكي الذي حارب نفوذ القومييين في سوريا بشكل كبيرتلك المجموعة التي اغتالت المالكي كانت تضم محمد مخلوف (خال بشار الأسد).وهرب على أثرها علي أحمد سعيد من سوريا.
الشاعر كان معروفاً في المحافل الثقافية وفي الصحافة ولعقود طويلة على أنه شاعر لبناني. لم يعترض وصمته هو قبول بهوية يراها أفضل من هويته الأصلية. في تلك الفترة بيروتي أفضل من دمشقي ربما حسب الشاعر الذي لم يقرأ أشعاره سوى نخبة ثقافية وقلة من الشباب في وقت كان فيه للشعراء حضور كبير في وجدان الشعوب العربية.

غسان ياسين

أورينت نت

Comments are disabled.