وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

قراءه في رواية ” رقصات التيه ” لـ سامي معروف

قراءه في رواية ” رقصات التيه ” لـ سامي معروف

.تبدأ الرواية مع بطلها ناجي الخارج من السجن بعد عشرين عاما .قضاها عن جريمة قتل زوجته. وواقع حاله انه لم يقتلها وانما وضع في ظروف الجريمة. وكان هو من دفع الثمن.. سيتقبل واقعه ويعود للحياة بعد السجن نصيرا للسجناء وقضاياهم .وسيلتحق باحدى الجمعيات الخيريه التي تعتني بذلك. سيلتقي بصحفية تغطي اعتصام اهل السجناء لتحسين شروط سجنهم الانسانيه والخدميه. وتأخذ منه حديث ويحس اتجاهها بالود والتفاهم.. وعندما يسألها عن اسمها سيجد انها تحمل اسم زوجته الكامل..سحر سالم..الماضي يحضر بقوة امامه.. سيستحضر زوجته الجميلة اللعوب والتي لم تقبل به الا بعد ان حملت من علاقاتها المفتوحه .ووجدته زوجا يمكن ان يستوعبها.وهذا ما حصل .ولكن هناك من لم يقبل .وقتل الزوجه وبقيت الوليده .التي تبناها خالها .مع ولديه الاثنين واصبحت ابنته .والتي علمت في بداية وعيها انها ليست ابنة خالها .وان امها ماتت وان اباها بالسجن.. وبعد ذلك سيسجن اخاها هاني اثر مظاهره. ويخرج بعد ثلاثة اشهر معاديا للدولة بعد ان جرحت كرامته وظلم.. ستجد سحر ان قضيتها العمل لاصلاح امر السجون .واحترام انسانية السجناء .وعدم خلطهم بتنوع اعمالهم بحيث يصنع مجرمين جدد .وعدم تعذيبهم .ومراقبة السجن الذي يحوي كل الموبقات .من مخدرات ودعارة وقمار وكل ما يمور داخل الواقع من فساد وخطأ… ستجد ان السجن صورة الواقع .ففيه المحسوبية والظلم والتمايز .وفيه كل شروط وجود الجريمة ونموها… ستجد بناجي ضالتها وستراه نموذجا تتعامل معه من واقع تجربته وعمله ان يصنعا سويه شيئا ما للسجناء…والاقدار كان لها رأيها فالخال الذي عاد انسانا متدينا يخدم في الكنيسة بعد ان هداه الله.وابتعد عن الرشوة وكل الموبقات الاخرى (حيث كان موظف جمارك) .سيعلم بوجود ناجي ويخاف ان يسترد سحر على انها ابنته .وسحر ستجد بناجي مشروع حبيب وناجي ستتحرك عاطفته ايضا.. لكن الاحداث ستأخذنا لمتابعات اخرى .ستزداد اهمية سحر الاعلاميه كمدافعة عن السجناء .وسيأتيها تهديدات .وكذلك ناجي الذي يصله كراس لسجين منتحر.ويقرأه ولنعرف من خلاله كل موبقات السجن .ولنطل على قصة سجن صاحبة وانه قتل زوجته. وان زوجتة التي يعتبر انه قتلها لم تقتل .وهي من سعت مع حبيبها المسؤول الكبير لقتله…وبدؤوا بالسعي للحصول على الدفتر وهدد ناجي وخطفت سحر ..والجمهور يتظاهر…
.تتشابك الاحداث هاني الاخ المتحرك للانتقام ينتقم من الدولة عبر عمليات نوعيه. واخيرا يعمل لانقاذ اخته وينقذها ويسلم نفسه للدولة ليسوي وضعه قضائيا..وناجي وسحر والخال سيكتشفوا الاب الحقيقي لسحر تاجر مخدرات وسلاح وجاسوس .اعتقل اخيرا وقدم اخيرا للبنت رسالة غفران. وعرف قاتل الام .وناجي وسحر احبوا بعضهم سيتزوجوا.الخال راض عن نفسه كقس في كنيسة (محبة الله).. وسيكتشف النائب وجريمته ويحال للقضاء…وانتهت الرواية..
القراءة لم تنتهي بعد..فعبر رواية طويلة نسبيا.. لم نقف امام الواقع العام كخلفيه اجتماعيه واقتصاديه وسياسيه صانعة للجريمه او مانعتها.. ويظهر وكأن واقع لبنان طبيعي وانه يجب ان يعالج واقع السجون ويصلحها على الطريقة الغربيه.. وهذا ظلم للتاريخ. فلبنان كان عبر الفترة المذكورة موقعا ومعبرا لصراع دولي واقليمي ومحلي .راح ضحيته مئات الالاف .وما زال يدفع المزيد..تغييب ذلك نقصا قاتلا في الرواية…وايضا في الرواية كل الشخصيات مسيحيه.وان البقعه الوحيده المضيئه فيها الكنيسة وقسها ورعيتها وحيث يوجد الله.كل ذلك وكانهم موجودون في مجتمع منفصل. ولا يوجد النسيج اللبناني المتمازج طائفيا ودينيا واثنيا وعبر قرون.. وهذا ايضا عيب آخر .وفي الرواية عودة للتدين وهذا حق واقعي وفكري وللرواية ايضا.لكن يحمل داخله ايمان غيبي بالتسيير وان كل شيئ مكتوب علينا .وعلينا ان نقبله.ونثق بالعدالة الالهيه…؟!. وكل نهايات الرواية جيده لواقع مأساوي.لكن المأساة هي المستمرة .والنهايات الجميله احلام او كوابيس المظلوم… وان كل ما يحصل وحصل عمل رباني .. وان كشف الحقائق وتسيير الحياة فعل خارجي عن ذات الانسان وفاعليته.. وان القبول هو الاساس وان التكيف هو افضل ما نعمل..وهذا ما نختلف معه بغض النظر عن الدين الذي يؤسس لهذه الرؤيه.. هناك مظلوميه .وواقع خاطئ كتفاوت اجتماعي واقتصادي. وهناك قوانين طائفيه .وهناك هيمنة لطرف على اطراف. وهناك تدخل من قوى اقليميه ودوليه في لبنان.ماذا عن سيطرة حزب الله ووجود الثورة الفلسطينيه والحرب الاهليه والوجود السوري وموبقاته .وتدخل (اسرائيل) قبل وبعد. ومنعكسات ذلك كله وللان على الحياة في لبنان… السكوت عن كل ذلك ظلم للدين (اي دين) .وظلم لله وتحميله اخطاءنا.وعدم توضيح حقيقة السياسه الصانعه الاولى للموجود في لبنان بكل التفاصيل السيئه خاصة..
.المحزن ان الرواية حديثه وانها من المفترض انها محملة بروح الربيع العربي.. الحرية والمكاشفه..وانها كان يجب ان تكون صوتا عاليا من اجل الحرية والكرامة والعدالة وانتصار انسانية الانسان على كل ظروف قهرة وظلمه .في دولة المواطنة والديمقراطيه..
.لكنها لم تكن…

..احمد العربي…
11.5.2014… 

 
المركز الصّحفي السّوري

Comments are disabled.