وخيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ

هديل الشّفق

هديل الشّفق

وأطبَقَ المَساءُ راحَتَيْهْ

،ورَنَّقَتْ في دورِنا يَمامَتاهْ

واللَّيلُ جرَّحَ الظّلالَ والشّفاهْ

..وخانَ عاشقَيْهْ

،عبَّأَ في زِقاقِهِ الحَرامْ

وفي مَطاوي الصَّمتِ والكلامْ

والرّيْحِ والظَّلامْ

ونارِ خافقَيْهْ

.نبوءَةً أثيمَةً.. وَتاهْ

 

رأيتُهُ يَحملُ ملْءَ ساعِدَيْهْ

،أرواحَهُ المُعفَّنَهْ

وفي جيوبِ ناظرَيهْ

مَشاهدٌ مُسَنَّنَهْ

وفي ترابِ مَنكبَيهْ

ذكرًى مُسَجَّاةٌ.. كطفلةٍ تنامْ

ودَندَنَهْ

.في مئذنَهْ

 

ولافتاتُ الذُلِّ فوقَ الأرصِفَهْ

وفوقَ أعتابِ الضَّجيْجْ

،وفوقَ شُرْفاتِ الضِّياءْ

كأنَّها نارٌ وَعاصِفَهْ

!أوَ انَّها ثلجٌ وزَخَّاتُ أريجْ

يهُدُّني الرَّكضُ مَساءَاتٍ برِجْلٍ نازفَهْ

،قَيحًا.. ورِجْلٍ خائِفَهْ

.وبَينَ جَنبَيَّ عَكاكيزُ نَشيجْ

وفي دوائرِ النَّحيبِ والرِّثاءْ

والخَمرِ والحَسَاءْ

كأنَّها.. مُلاءَةٌ وعازفَهْ

.وعَندلاتُ مَاءْ

هناكَ في شوارعِ الضَّجَرْ

وزَحمَةِ الفراغِ والهَباءْ

ورَعشَةِ النّجومِ والقمَرْ

في أعيُنِ المتَيَّمينْ

 … والثّائريْنْ

هناكَ في مَدينتي سَماءْ

،لا تنثرُ الطّيورَ والمَطَرْ

.سَماؤُنا ثــــَكلى.. وأرضُنا البَلاءْ

 

!وتحتَ غُصنِ خَيبَتِيْ مَزارْ

.أوتادُهُ وطيبُهُ عِثارْ

هَدَّمتُ عندَه حِجَارةَ السَّكينَهْ

وأذرُعَ الشّموعِ والحَنِينْ

.وكنتُ أبكارًا كِثارْ

 

وحاوياتُ اليأسِ في قلبِ المَدينَهْ

..قلَّبتُها

المَوتُ فيها نِصفُهُ جَنيْنْ

،ونصفُهُ الآخرُ عارْ

..بَعثرتُها

أشعلتُ قبَّعاتِ سِحرِهِ اللَّعيْنْ

،ولوحَ كُفرِهِ وَدينَهْ

أحرَقتُ مِسخًا.. وكَرامَاتٍ هَجينَهْ

وكلَّ جُوعٍ مُستَعارْ

…وكلَّ حُبٍّ صارَ أشباحَ جِدارْ

،بلى! لقدْ أحرَقتُها

.لأنّني أضَأتُ مِصْباحَ النَّهارْ

 

وعندما رَفعْتُ مَرساةَ قواربي

في وَحشَةِ الغروبْ

..وجَدتُني

أزُقُّ طيرَ البَحرِ أوهامي العِذابْ

،وأطعمُ الأسماكَ وَجهي والرّياحْ

.وفي هديلِ الشَّمسِ والمَوجِ كَروْبْ

 

..وفي الصَّباحْ

حَطَّ على شِراعِ مَركَبي

!غُرابْ

.وقَّعَ في نَعيبِهِ “تأشيرةَ” الهُروْبْ

 

تشرين الأوّل 2020

Comments are disabled.